الأربعاء، ٨ كانون الأول ٢٠١٠

الفضائح الأميركية في زراعة التطرف

لو أن الشرطة النسائية الأردنية اخترقت صفوف العاملات الفلبينيات في الفنادق بواسطة واحدة من أصحاب السوابق، وأقنعت إحداهن بارتكاب مجزرة في الجامع المجاور للفندق لأن رواده من جماعة أبوسياف التي تقاتل أهلها في الفلبين، لوجدت بالتأكيد من يتجاوب معها ولو لفظيا. خصوصا إذا كانت العاملة قد تعرضت لضغط عمل أو سوء معاملة، وتمر بظروف نفسية صعبة بسبب فراق منزل الأهل. وستخرج الصحف في اليوم التالي بعناوين "إحباط مؤامرة فلبينية لتفجير جامع ..". وستخصص حراسات مشددة لحماية "المجرمة" من ردود الفعل ولمنع هربها. في الأردن لا ترتكب الشرطة، نسائية ورجالية، حماقة كهذه بخلاف الأف بي آي (مكتب التحقيقات الاتحادي) في أميركا. فلا يمر شهر من دون الإعلان عن "فيلم" إرهابي أعده عملاء المكتب سرا أو علانية. 

من أبرز ضحايا أفلام الأف بي آي الشيخ المؤيد الذي أوقع به في ألمانيا، ولم يكن آخرهم الشاب الصومالي ولا الأردني من قبله. ولك أن تتخيل كم من الأفلام أحبطت بسبب وعي الجالية المسلمة في أميركا، وفوق ذلك سلامة موقفها من الإرهاب. لكن ما يقوم به الأف بي آي ضد الجالية عمل مخز وحقير ولا يليق بعصابة محترمة فضلا عن دولة. ويذهب ضحيته شبان أغرار يحتاجون لطبيب نفسي في أسوأ الأحوال.

هل تذكرون الخبر عن الشاب الصومالي أواخر الشهر الماضي والذي بثته قناة فوكس نيوز عاجلا؟ "أحبطت أجهزة الأمن الأميركية محاولة لتفجير سيارة مفخخة خلال احتفال سنوي لإضاءة شجرة عيد الميلاد في مدينة بورتلاند، بولاية أوريغان الأميركية، وقالت وزارة العدل الأميركية إن المشتبه الرئيس في هذه القضية رجل في التاسعة عشرة من العمر يدعى محمد عثمان محمود. وأضافت أنه من مدينة كورفاليس ويحمل الجنسية الأميركية لكنه من أصل صومالي".

الخبر من آخر ما تفتقت عنه عبقرية المكتب وبحسب ما نشرت صحيفة القدس العربي، فقد أسقطت التهم عن الشاب الصومالي إذ تبين أن المكتب زرع مجرما بسوابق بين المصلين في مسجد في ساوث كاليفورنيا لجمع معلومات عن المسلمين وللايقاع بالمصلين، وتخفى المجرم بزي مسلم فرنسي من اصل سوري، وظل يتحدث للشبان المسلمين عن ضرورة الجهاد واستخدام العنف ضد الانظمة الكافرة. وأدى حديثه هذا الى اثارة الشكوك لدى المصلين داخل المسجد.

وتبين فيما بعد ان "اف بي اي" جلب مجرما اسمه كريغ مونتيليه وزرعه على انه فاروق العزيز. محاولة الشرطة الفدرالية زرع العميل ادت لردود افعال سلبية على الشرطة نفسها عندما لم يتسامح المسلمون مع هذا الشاب، فقد تطوعوا للذهاب للشرطة المحلية واخبروا عن هذا الشاب المتطرف الذي دخل مركزهم. وقالوا ان العزيز بات يؤثر سلبيا على الشبان المسلمين بحديثه الدائم عن الجهاد.

الدرس الأول من الفضائح الأميركية في زراعة التطرف أن يتنبه المسلمون في أميركا وفي بلدانهم أن المتطرفين ليسوا دائما متحمسين حسني النية، فكثيرا ما يكونون عملاء لأجهزة معادية. والدرس الثاني أن المشكلة مع أميركا معقدة فما يزال قطاع مهم في المؤسسة الرسمية ينظر للإسلام بوصفه تهديدا لا تنوعا ثقافيا في المجتمع الأميركي.

ياسر أبو هلالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق