الأربعاء، ٨ كانون الأول ٢٠١٠

فليدرز والداد والبديل الوطني

لماذا أخذ مؤتمر (الوطن البديل ) الذي عقده كل من آريه الداد عضو الكنيست الإسرائيلي من حزب البيت الإسرائيلي المتطرف، والمتطرف اليميني الهولندي الآخر كيرت فليدرز زعيم حزب الحرية الهولندي، على محمل من الأهمية والجدية هذه المرة، رغم أن النميمة السياسية بحق الأردن والتحرش به من قبل المتطرفين الصهاينة لم تتوقف منذ عقود وتعود جذور تلك الأطماع إلى ما قبل نشأة هذا الكيان.

هناك يقين سياسي محلي في الأردن إلى وقت قريب بأن أحلام اليمين الإسرائيلي وتحرشاته المباشرة وغير المباشرة تحت عناوين الخيار الأردني وغيره من العناوين لا قيمة لها على ارض الواقع، لكن التحولات التي يشهدها مسار التسوية والسلوك الرسمي للدولة العبرية جميعها مؤشرات جعلت من عمان أكثر حساسية لهذا العبث السياسي والإيديولوجي الذي يفسره الرد القوي الذي قدمه نائب رئيس الوزراء مؤخرا وهو الموقف الذي يحتاج ان يطور في العقل والممارسة السياسية الأردنية. 

الجديد في السلوك الاسرائيلي ليس في السماح لهيئات سياسية مرخصة بالنيل من سيادة دول مجاورة تربطها معها معاهدات دولية، بل يتجاوز الأمر ذلك في التناغم غير المباشر والمباشر أحيانا بين تعبيرات هذه الجماعات وبين السلوك الفعلي للمؤسسات الرسمية الإسرائيلية، وما قادت اليه من تفريغ عملية التسوية من كافة مضامينها وصولا إلى حشر الفلسطينيين وخلفهم عرب التسوية إلى الحائط، ما يجعل الجميع يقف اليوم على حافة انهيار عملي لكل الخيارات السياسية.

إسرائيل تحركها الايدولوجيا والاستراتيجيا لأنها كيان ديناميكي قابل للتغيير والتكييف السريع وفق الفرص والمصالح المتاحة، قد تصعد في أي وقت قوة سياسية متطرفة تجد الظروف الملائمة للشروع بهذا المخطط أو ذاك، لكن الدروس الإسرائيلية تفيدنا ان حجم المغامرة الإسرائيلية ونوعيتها يحددها بالدرجة الأولى الموقف المقابل على الساحة العربية.

خلال عقد مضى تغيرت إسرائيل والعالم يراقب ويرصد اتجاهها المتزايد نحو اليمين المتطرف، وخلال هذا العام ازدادت مؤشرات هيمنة اليمين على السلطة وفي مراكز صنع السياسات الإسرائيلية. هنالك تغيرات أخرى ينتظرها الوضع الداخلي الإسرائيلي بعضها يصل إلى احتمال تغيير النظام السياسي الإسرائيلي نحو النظام الرئاسي وتوسيع عدد أعضاء الكنيست وتعديل النظام الانتخابي، وهنالك أحاديث عن النية لإقرار دستور دائم لإسرائيل يوضح حدود إسرائيل النهائية أو ربما يأتي بصيغة مبهمة من جديد.

وكل هذه التداعيات والتطورات المحتملة تتطلب قراءة أردنية وفلسطينية لموقع مسائل اللاجئين والتهجير والوطن البديل منها من دون حساسية، فلا توجد مرحلة يتضح فيها تطابق المصالح الوطنية الأردنية والفلسطينية مثل هذه الأيام. ولنعترف ان الغموض من قبل الطرفين حول هذه المسائل هو احد أهم نقاط الضعف التي يطل منها كل مرة رأس فكرة الوطن البديل وهواجسها. البديل الوطني الأردني بكل بساطة هو التمسك بالدولة الأردنية وجعل مسألة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة الخيار المصيري الوطني الأردني الأول ليس من قبل السلطة السياسية وحدها، بل ومن قبل القوى السياسية الأخرى التي آن الوقت لها لتعي مخاطر الحديث عن تغير المعادلات الوطنية القائمة قبل إنضاج حلول تاريخية للصراع.

والبديل الوطني الأردني يحتاج قراءة جريئة للتحولات الدولية والإقليمية في ضوء الموت السريري لعملية التسوية، وتقدير حجم الاستدارة السياسية والاستراتيجية المطلوبة. والبديل الوطني يحتاج قراءة داخلية أيضا جريئة ووضوحا عميقا مع الذات.

باسم الطويسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق